إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وبعد أقدم لكم هذا الموضوع لانني شاهدت هذه الظاهرة كثيرا في مجتمعنا هذا:
فإن الكذب من مساوئ الأخلاق، وبالتحذير منه جاءت الشرائع، وعليه اتفقت الفِطر، وبه يقول أصحاب المروءة والعقول السليمة.
و " الصدق أحد أركان بقاء العالم .. وهو أصل المحمودات، وركن النبوات، ونتيجة التقوى، ولولاه لبطلت أحكام الشرائع، والاتصاف بالكذب: انسلاخ من الإنسانية لخصوصية الإنسان بالنطق ." " بريقة محمودية " محمد الخادمي ( 3 / 183 ) .
وفي شرعنا الحنيف جاء التحذير منه في الكتاب والسنة، وعلى تحريمه وقع الإجماع، وكان للكاذب عاقبة غير حميدة إن في الدنيا وإن في الآخرة.
ولم يأت في الشرع جواز " الكذب " إلا في أمورٍ معينة لا يترتب عليها أكل حقوق، ولا سفك دماء، ولا طعن في أعراض ...الخ، بل هذه المواضع فيها إنقاذ للنفس أو إصلاح بين اثنين، أو مودة بين زوجين.
ولم يأت في الشريعة يومٌ أو لحظة يجوز أن يكذب فيها المرء ويخبر بها ما يشاء من الأقوال، ومما انتشر بين عامة الناس ما يسمى " كذبة نيسان " أو " كذبة أبريل " وهي: زعمهم أن اليوم الأول من الشهر الرابع الشمسي - نيسان - يجوز فيه الكذب من غير ضابط شرعي، وقد ترتب على هذا الفعل مفاسد كثيرة - يأتي ذكر بعضها -.
وأما كذبة إبريل فلم يعرف أصل هذه الكذبة على وجه التحديد وهناك آراء مختلفة في ذلك:
فذكر بعضهم أنها نشأت مع احتفالات الربيع عند تعادل الليل والنهار في 21من شهر آذار …..
ويرى بعضهم أن هذه البدعة بدأت في فرنسا عام ( 1564م) بعد فرض التقويم الجديد كما سبق إذ كان الشخص الذي يرفض هذا التقويم الجديد يصبح في اليوم الأول من شهر إبريل ضحية لبعض الناس الذين كانوا يعرضونه لمواقف محرجة ويسخرون منه فيصبح محط سخرية الآخرين .
ويرى بعضهم أن هذه البدعة تمتد إلى عصور قديمة واحتفالات وثنية لارتباطها بتاريخ معين في بداية فصل الربيع إذ هي بقايا طقوس وثنية ويقال إن الصيد في بعض البلاد يكون خائبا في أول أيام الصيد في بعض البلاد في الغالب فكان هذا قاعدة لهذه الأكاذيب التي تختلق في أول شهر إبريل .
سمكة إبريل : يطلق الإفرنج على كذبة إبريل " سمكة إبريل" ………. وسبب تسميتها بهذا الاسم أن الشمس تنتقل فيه من برج الحوت إلى ما يليه أو لأن كلمة ( بواسون ) السابقة التي معناها سمكة محرفة من لفظ باسيون التي معناها " العذاب " إذ هي رمز للعذاب الذي كابده عيسى عليه الصلاة والسلام فيما يدعيه النصارى ويزعمون أنه حدث في أول شهر أبريل .
ويُسمى هذا اليوم عند بعض الكفار بيوم جميع الحمقى والمغفلين: كما أطلقه الإنجليز وذلك لما يفعلونه من أكاذيب حيث قد يصدقهم من يسمع فيصبح ضحية لذلك فيسخرون منه.
وأول كذبة إبريل ورد ذكرها في اللغة الإنجليزية في مجلة كانت تعرف بـ " مجلة دريك " ………. ففي اليوم الثاني من إبريل علم (1698م) ذكرت هذه المجلة أن عددا من الناس تسلموا دعوة لمشاهد عملية غسل السود في برج لندن في صباح اليوم الأول من شهر إبريل.
ومن أشهر ما حدث في أوروبا في أول إبريل أن جريدة " ايفند ستار " الإنجليزية أعلنت في مارس (آذر ) سنة ( 1746) أن غدا -أول إبريل - سيقام معرض حمير عام في غرفة الزراعة لمدنية ( اسلنجتون ) من البلاد الإنجليزية فهرع الناس لمشاهدة تلك الحيوانات واحتشدوا احتشادا عظيما وظلوا ينتظرون فلما أعياهم الانتظار سألوا عن وقت عرض الحمير فلم يجدوا شيئا فعلموا أنهم إنما جاءوا يستعرضون أنفسهم فكأنهم هم الحمير!! انظر كتاب ( كذبة ابريل نيسان أصلها التاريخي و حكمها الشرعي ) للدكتور عاصم بن عبد الله القريوتي .
وكتب بعضهم عن أصل هذه الكذبة قائلاً:
الكثير منا يحتفل بما يسمونه كذبة إبريل والترجمة الحرفية لها " خدعة إبريل "
ولكن كم منا يعرف الحقيقة المرّة الخفية وراء ذلك.
عندما كان المسلمون يحكمون أسبانيا قبل حوالي ألف سنة كانوا في ذلك الوقت قوة لا يمكن تحطيمها وكان النصارى الغربيون يتمنون أن يمسحوا الإسلام من العالم ولقد نجحوا إلى حد ما.
ولقد حاولوا الحد من امتداد الإسلام في أسبانيا والقضاء عليه ولم يفلحوا، حاولوا مرات عديدة ولم ينجحوا أبدا.
بعد ذلك أرسل الكفار جواسيسهم إلى أسبانيا ليدرسوا ويكتشفوا سرة قوة المسلمين التي لا تهزم فوجدوا أن الإلتزام بالتقوى هو السبب.
عندما اكتشف النصارى سر قوة المسلمين بدأوا في التفكير في استراتيجية تكسر هذه القوة وبناءا عليه بدأوا بإرسال الخمور والسجائر إلى أسبانيا مجانا.
هذا التكتيك (الطريقة ) من الغرب أعطت نتائجها وبدأ الإيمان يضعف عند المسلمين خاصة في جيل الشباب بأسبانيا. وكانت نتيجة ذلك أن النصارى الغربيين الكاثوليك أخضعوا كل أسبانيا تحت سيطرتهم منهين بذلك حكم المسلمين لذلك البلد الذي دام أكثر من ثمانمائة سنة. سقط آخر حصن للمسلمين وهو غرناطة في أول إبريل. ولذلك اعتبروها بمعنى خدعة إبريل (APRIL FOOL.
ومن تلك السنة إلى الآن يحتفلون بذلك اليوم ويعتبرون المسلمين حمقى. فهم لا يجعلون الحماقة وسهولة المخادعة في جيش غرناطة فقط بل في جميع الأمة الإسلامية. وعندما نحضر هذه الاحتفالات فإنه نوع من الجهل وعندما نحاكيهم المحاكاة العمياء في اللعب بهذه الفكرة الخبيثة فهو نوع من التقليد الأعمى الذي قد يؤكد غباء بعضنا في اتباعهم. ولو علمنا بسبب الاحتفال لما أمكن أن نحتفل بهزيمتنا أبدا.
وبعد أن عرفنا الحقيقة دعونا نقطع وعدا على أنفسنا بأن لا نحتفل بذلك اليوم. يجب علينا أن نتعلم دروسا من الأسبان ونصبح مطبقين حقيقة للإسلام ولا نسمح لإيماننا بأن يضعف أبدا. انتهى
ولا يهمنا معرفة أصل هذه الكذبة بقدر ما يهمنا حكم الكذب في يومها، والذي نجزم به أنها لم تكن في عصور الإسلام الزاهرة الأولى، وليس منشؤها من المسلمين، بل هي من أعدائهم.
والحوادث في كذبة نيسان كثيرة، فمن الناس من أخبر بوفاة ولده أو زوجته أو بعض محبيه فلم يحتمل الصدمة ومات، ومنهم من يخبر بإنهاء وظيفته أو بوقوع حريق أو حادث تصادم لأهله فيصاب بشلل أو جلطة أو ما شابههما من الأمراض.
وبعض الناس يُتحدث معه كذباً عن زوجته وأنها شوهدت مع رجل فيسبب ذلك قتلها أو تطليقها.
وهكذا في قصص لا تنتهي وحوادث لا نهاية لها، وكله من الكذب الذي يحرمه الدين والعقل، وتأباه المروءة الصادقة.
وقد رأينا كيف أن الشرع حرَّم الكذب حتى في المزاح، وأنه نهى أن يُروَّع المسلم سواء كان جادّاً أو مازحاً معه في الحديث أو الفعل. فهذا شرع الله فيه الحكمة والعناية بأحوال الناس وإصلاحهم، والله الموفق.